تصنيف السعودية الائتماني- نظرة إيجابية تعكس الإصلاحات والنمو المستدام
المؤلف: علي محمد الحازمي11.23.2025

في بادرة تبعث على التفاؤل، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية للمملكة العربية السعودية من مستقرة إلى إيجابية في بداية هذا الأسبوع. هذا التقييم الرفيع ليس مجرد شهادة على الأداء الاقتصادي للمملكة، بل هو شهادة تقدير تأتي في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتقلبة التي ألقت بظلالها على الطلب العالمي على النفط، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من تذبذب أسعار النفط، فإن هذا التصنيف الائتماني المرتفع يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن وكالات التصنيف العالمية باتت تنظر إلى أبعد من مجرد أسعار النفط كمحدد رئيسي في تقييمها للاقتصاد السعودي. بل إن هذه الوكالات تركز بشكل أساسي على معدلات النمو المتسارعة في القطاعات غير النفطية، والتي تعتبر برهاناً قاطعاً على صواب الرؤية الاقتصادية للمملكة، ومضيها قدماً في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الطموحة التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنويع مصادر الدخل، من خلال تطوير قطاعات واعدة مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا. فبعد أن كانت وكالات التصنيف تعتقد أن استمرار الإصلاحات في السعودية يعتمد بشكل كلي على ارتفاع أسعار النفط، باتت اليوم على يقين بأن هذه الإصلاحات تمضي قدماً بثبات، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية.
على الصعيد الداخلي، تتيح مثل هذه التصنيفات المرتفعة للحكومة السعودية التخطيط للمشاريع الاستثمارية طويلة الأجل بثقة أكبر، وتعزز التنمية الاقتصادية الشاملة حتى في الأوقات الصعبة. فالتصنيف الائتماني المتميز لا يساهم فقط في خفض تكاليف الاقتراض، بل يعزز أيضاً ثقة المستهلكين والمستثمرين على حد سواء. إضافة إلى ذلك، تعكس هذه التصنيفات الإيجابية مدى فعالية الإصلاحات الاقتصادية التي أسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تهيئة بيئة تنظيمية جاذبة ومشجعة للاستثمار الأجنبي، مما حفز الشركات العالمية على دخول السوق السعودي بكل ثقة واطمئنان. وفي هذا السياق، تعكس هذه التصنيفات أيضاً نجاح السياسات الاقتصادية الحكومية، وتعزز الثقة بمستقبل الاقتصاد السعودي المزدهر.
وعلى الصعيد الخارجي، تعمل التصنيفات الائتمانية القوية على تعزيز الثقة بالاقتصاد السعودي، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تعتبر أحد أهم الأهداف الطموحة لرؤية 2030، والتي تسعى إلى رفع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي ظل الأوقات الاقتصادية المضطربة، يفضل المستثمرون توجيه رؤوس أموالهم إلى البيئات المستقرة والآمنة، بدلاً من تلك التي تسودها حالة من الغموض والتردد. فالدول التي تحظى بتصنيف ائتماني مرتفع غالباً ما يُنظر إليها على أنها أكثر استقراراً، مما يساعد في تخفيف حدة الصدمات الاقتصادية العالمية في حال وقوعها. كما أن التصنيفات الائتمانية القوية تعزز مكانة الدولة على الساحة الدولية، وتساهم في تسهيل إقامة شراكات تجارية واستثمارية مع مختلف الدول والتحالفات الدولية.
